سورة الأنبياء - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)}
إذا كانت عادة الملوك والجبابرة أن لا يسألهم من في مملكتهم عن أفعالهم وعما يوردون ويصدرون من تدبير ملكهم، تهيباً وإجلالاً، مع جواز الخطأ والزلل وأنواع الفساد عليهم- كان ملك الملوك وربّ الأرباب خالقهم ورازقهم أولى بأن لا يسئل عن أفعاله، مع ما علم واستقرّ في العقول من أن ما يفعله كله مفعول بدواعي الحكمة، ولا يجوز عليه الخطأ ولا فعل القبائح {وَهُمْ يُسْئَلُونَ} أي هم مملوكون مستعبدون خطاؤن، فما خلقهم بأن يقال لهم: لم فعلتم؟ في كل شيء فعلوه.


{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)}
كرّر {أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ ءالِهَةً} استفظاعاً لشأنهم واستعظاماً لكفرهم، أي: وصفتم الله تعالى بأنّ له شريكاً، فهاتوا برهانكم على ذلك: إمّا من جهة العقل، وإمّا من جهة الوحي، فإنكم لا تجدون كتاباً من كتب الأوّلين إلا وتوحيد الله وتنزيهه عن الأنداد مدعوّ إليه، والإشراك به منهي عنه متوعد عليه. أي {هذا} الوحي الوارد في معنى توحيد الله ونفي الشركاء عنه، كما ورد عليّ فقد ورد على جميع الأنبياء، فهو ذكر: أي عظة للذين معي: يعني أمّته، وذكر للذين من قبلي: يريد أمم الأنبياء عليهم السلام. وقرئ: {ذِكْرُ مَن مَّعِىَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِى} بالتنوين ومن مفعول منصوب بالذكر كقوله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ يَتِيماً} [البلد: 14 15] وهو الأصل والإضافة من إضافة المصدر إلى المفعول كقوله: {غُلِبَتِ الروم فِي أَدْنَى الأرض وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] وقرئ: {من معي} و {من قبلي} على من الإضافية في هذه القراءة. وإدخال الجار على (مع) غريب، والعذر فيه أنه اسم هو ظرف، نحو: قبل، وبعد، وعند، ولدن، وما أشبه ذلك، فدخل عليه (من) كما يدخل على أخواته. وقرئ {ذكر معي وذكر قبلي} كأنه قيل: بل عندهم ما هو أصل الشرّ والفساد كله وهو الجهل وفقد العلم، وعدم التمييز بين الحق والباطل، فمن ثم جاء هذا الإعراض، ومن هناك ورد هذا الإنكار. وقرئ: {الحق} بالرفع على توسيط التوكيد بين السبب والمسبب. والمعنى أن إعراضهم بسبب الجهل هو الحق لا الباطل. ويجوز أن يكون المنصوب أيضاً على هذا المعنى، كما تقول: هذا عبد الله الحق لا الباطل.


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
{يُوحَى} ونوحي: مشهورتان. وهذه الآية مقرّرة لما سبقها من آي التوحيد.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9